ساهم في علاج مريض بالضغط على الدعايات اعلى الصفحة الرئيسية واجعلها صدقة عن نفسك فالنقرة لن تأخذ منك غير دقيقة ولكنها قد تفرج كربة انسان

العودة   عيادات العرب الطبية - موقع استشارات طبية مجانية > العيادات الاجتماعية > المنتدى الإسلامي
التسجيل تعليمات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم
إضافة رد
 
أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
قديم 02-12-2019, 02:05 AM   رقم المشاركة : 1
عضو مبتدئ







tayar10 غير متواجد حالياً

افتراضي تبرئة الرسول الأمين من أساطير المحدثين .. "خرافة الوزغ"


لقد خلق الله البديع كل الحيوانات والحشرات لتؤدي أدوارا ووظائف لصالح البشرية ، يكتشفها الباحثون العلميون يوما بعد يوم ويؤكدونها تصديقا لقول الله تعالى في سورة البقرة : {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا} ، وقوله في سورة النحل: { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } .

لكن تراثنا الفقهي يتضمن ما ينقض كلام الله وإرادته.

إن "الوزغ" ، ( مرضع البقر أو زرمومة بالعامية الشمالية ) ، حشرة صغيرة خلقها الله لنا بدلالة عموم الآيتين، فهي تصطاد البعوض والفراش وصغار الحشرات ... وبذلك تسهم في التوازن البيئي ، لكنها قد تضرّ صحة الإنسان إذا وقعت في سوائله وأطعمته نظرا لما يعلق بأرجلها من مكروبات ، فيكون قتلها إذا دخلت البيوت عملا سائغا عقلا وشرعا يشبه قتل الحية أو العقرب.

لكن علماءنا يرونها عدوا للمسلم الموحّد ، ويعدّون الحرص على قتلها ولو لم تؤذ من أعظم القربات ، ويزعمون أن النبي عليه السلام حثّ على قتلها ووعد بالأجر الجزيل عليه ، لأن أجدادها كانت تحرص على حرق مولانا إبراهيم الخليل فتنفخ النار حتى لا تنطفئ.

يعقد الحافظ المنذري تبعا للمعتقد السائد في ديوانه العظيم الترغيب والترهيب (3/379) بابا تحت اسم : ( التَّرْغِيب فِي قتل الوزغ ، وَمَا جَاءَ فِي قتل الْحَيَّات وَغَيرهَا مِمَّا يذكر ) .

وفي الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 352) : (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُقْتَلَ الْوَزَغُ) بِفَتْحِ الزَّايِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ وُجِدَ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِئْذَانٍ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ وَلَا كَثْرَةٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَثٌّ وَرَغَّبَ فِي قَتْلِ الْوَزَغَةِ حَيْثُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً، وَقِيلَ خَمْسُونَ حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الثَّالِثَةِ فَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ» ، وَفِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِقَاعِدَةِ كَثْرَةِ الْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ لِمَا فِي تَأْخِيرِ الْقَتْلِ مِنْ التَّهَاوُنِ، وَإِنَّمَا خصَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَتْلِ الْوَزَغِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَزَغَةَ كَانَتْ يَهُودِيَّةً مَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِكَوْنِهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ الَّتِي أَحْرَقَتْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَوْ نَارَ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَكَانَ الْوَطْوَاطُ يُطْفِئُهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السّمُومِ حَتَّى قَالَ إنَّهَا أَكْثَرُ سُمًّا مِنْ الْحَيَّةِ. هـ

ونجد هذا المعتقد الخرافي عند المعاصرين أيضا رغم تطور المعرفة البشرية: يقول ابن عثيمين رحمه الله: والوزغ سام أبرص، هذا الذي يأتي في البيوت يبيض ويفرخ ويؤذي الناس، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وكان عند عائشة رضي الله عنها رمح تتبع به الأوزاغ وتقتلها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن قتله في أول مرة كذا من الأجر وفي الثانية أقل، كل ذلك تحريضاً للمسلمين على المبادرة لقتله، وأن يكون قتله بقوة؛ ليموت في أول مرة، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم فاسقاً، وأخبر أنه كان ينفخ النار على إبراهيم والعياذ بالله حين ألقاه أعداؤه في النار، جعل هذا الخبيث الوزغ ينفخ النار على إبراهيم من أجل أن يشتد لهبها، وذلك مما يدل على عداوته لأهل التوحيد والإخلاص، ولذلك ينبغي للإنسان أن يتتبع الأوزاغ في بيته وفي السوق وفي المسجد ويقتلها. (شرح رياض الصالحين، باب المنثورات، والملح المجلد الرابع).

أصل خرافة الوزغ:

ترجع الخرافة إلى حديثين صحيحين عند العلماء قاطبة ، ضعيفين منكرين عندنا كما تقتضيه قواعد علم الحديث ، وهما :

الحديث الأول :

روى مسلم رحمه الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : «مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ» .

الحديث الثاني :

أخرج البخاري رحمه الله عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَمَرَ بِقَتْلِ الوَزَغِ"، وَقَالَ: كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ".

علامات الخرافة وبطلان الأحاديث الواردة فيها:

إن الحديث الأول خرافة تفرد بها سهيل بن أبي صالح المختلط المضطرب ، والثاني صحيح محرّف، وجملة : ( كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ) زيادة مقحمة على رسول الله ، وهي من الإسرائيليات التي تسربت إلى السنة النبوية بفعل احتكاك الصحابة والتابعين بمسلمة أهل الكتاب .

وهذه علامات التخريف والدجل في الحديثين :

العلامة الأولى : معارضة القرآن الكريم :

الوجه الأول : يخبرنا القرآن الكريم أن الوزغ من ضمن ما خلق الله لفائدة البشر ، فيقول سبحانه : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) ، بينما تدل حجج الخرافة على أن الوزغ مخلوق زائد لا فائدة ترجى منه فيجب تطهير الأرض منه .

الوجه الثاني : يخبرنا كتاب الله أن النبي صلى الله عليه وسلم إنسان رحيم ، وأن رحمته تشمل المخلوقات كلها ، وذلك قوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، لكن أساطير المحدثين تصوره نقمة على بعض المخلوقات كالوزغ .

الوجه الثالث : يقول سبحانه في كتابه الحكيم : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ، أي لا تحاسب نفس بريئة بسبب غيرها من النفوس الآثمة ولو كانت البريئة قريبة من الآثمة.

هذا في البشر العاقل الذي قد يكون من سلالة المجرمين الجبارين ، فكيف يحمّل الله العادل أوزار الوزغ الذي كان في عهد سيدنا إبراهيم لذريته ونسله ؟

الوجه الرابع :

يخبرنا كتاب الله أن النار التي قذف فيها إبراهيم عليه السلام لم تنطفئ ، وأنها كانت بردا وسلاما عليه رغم كونها ملتهبة مشتعلة ، وتلك هي المعجزة الخارقة ، وكل من تذوق البيان العربي وتخلى عن الإسرائيليات ، يدرك أن قوله سبحانه : ( قُلْنا : يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) ، صريح فيما قلناه.

لكن الخرافة تزعم أن النار كانت تخمد ، فتأتي الأوزاغ تنفخها .

الوجه الخامس :

من صفات الله أنه عدل لا يجوز في حقه ظلم مخلوق من المخلوقات ، وهو سبحانه خلق الأوزاغ وبثها في الأرض قبل خلق سيدنا إبراهيم ، فكانت الوزغان منتشرة في كل بقاع الدنيا .

ولو فرضنا أن كل الأوزاغ التي كانت موجودة في بلاد سيدنا إبراهيم شاركت في جريمة النفخ على النار ، لكان الغضب على أوزاغ البلاد الأخرى ظلما شنيعا ، ولكان الأمر بقتل أوزاغ العالم في كل عصر جورا مبينا .

والله جل جلاله منزه عن الظلم والجور ، فلا يليق به ذلك إلا في أساطير الأحبار .

الوجه السادس :

نقرأ في سورة النحل : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ ، وَالْمَلائِكَةُ ، وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) .

وفي تفسير الطبري : وَلِلَّهِ يَخْضَعُ وَيَسْتَسْلِمُ لَأَمْرِهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ يَدِبُّ عَلَيْهَا، وَالْمَلَائِكَةُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ التَّذَلُّلِ لَهُ بِالطَّاعَةِ ... يَخَافُ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ ، وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ أَنْ يُعَذّبَهُمْ إِنْ عَصَوْا أَمْرَهُ {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} يَقُولُ: وَيَفْعَلُونَ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ، فَيُؤَدُّونَ حُقُوقَهُ، وَيَجْتَنِبُونَ سَخَطَهُ . هـ

أما أساطير المحدثين فتصور بعض الحيوانات والحشرات ، كالوزغان ، متمردة على الله ، عاصية أوامره ، جارية على إسخاطه .

فهل نصدق كلام الله العام المطلق الذي لا يخصصه إلا كلام الله ؟ أم نصدق الأساطير والخرافات الإسرائيلية ؟

العلامة الثانية : مخالفة السنة النبوية الصحيحة :

الوجه الأول : كان رسول الله يفتي بجواز قتل الحيوانات والحشرات الضارة المؤذية ، كالحيات والكلب العقور والعقرب ...

ولم يثبت أنه عليه السلام وعد على قتل الضواري وذوات السموم بالأجر العظيم أو الحقير ، رغم أن ضررها على الإنسان محقّق وأشدّ فتكا ، فالوزغ لا تؤذي إلا إذا وقعت في الطعام أو الشراب بخلاف المذكورات.

فلمَ الوعد بالثواب العظيم على قتل الأوزاغ ؟

هنا لجأ المحدثون إلى أسطورة نفخ الوزغ على نار سيدنا إبراهيم فزادوا الطين بلة.

الوجه الثاني : روى الأئمة مالك ويونس بن يزيد وعقيل وغيرهم عن الزهري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْوَزَغِ: «فُوَيْسِقٌ» ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ . (مسند أحمد ح 24568 و ح25215 وح26332، وصحيح البخاري ح 1831 وح3306، وصحيح مسلم ح2239 ، والسنن الكبرى للنسائي (4/ 104) ، ومسند أبي يعلى الموصلي ح 831 ) .

وفي هذا الحديث الصحيح حقا، شهادة من أم المؤمنين أنها لم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الوزغ رغم أنه كان يدخل حجرتها بدليل بعض الآثار عنها.

فانتفى ما يدعيه علماؤنا من تحريض رسول الله على هذا المخلوق الضعيف ، إذ لو كان في قتله أجر كما جاء في خرافة سهيل بن أبي صالح ، لكانت مولاتنا عائشة أولى بمعرفة ذلك ، ولكان النبي عليه السلام أول المبادرين لقتله .

فكيف يكون قتل الأوزاغ عبادة عظيمة ، ثم تجهلها أعلم أزواجه ، ولا يروي عنه أحد من الصحابة أنه قتل وزغة ؟

العلامة الثالثة : منافرة العقل:

الحديث الذي يرفضه العقل المشترك بين الناس ، وتستقبحه الفطرة السليمة ، موضوع أو منحول أو محرف عند المحدثين ، ويسمونه "المنكر"، لكنهم لا يطبقون هذه القاعدة على بعض الأساطير التي تردهم بأسانيد صحيحة أو ترويها الكتب "المقدسة" كالصحيحين .

وخرافة الوزغان منكرة عقلا ، مستقبحة فطرة لهذه الأوجه :

الوجه الأول : إن الوزغ مخلوق ضعيف لا يمكن أن يتحمل الاقتراب من النار الضخمة للنفخ عليها ، إذ سيحترق بمجرد اللهيب والشظايا المتطايرة ، لذلك نرى الحيوانات الضخمة والحشرات الدقيقة تبدأ بالفرار إذا أحست بوجود نار قريبة.

ولو قمنا بتجربة على الوزغ ، لرأيته أشد المخلوقات فزعا من النار .

فهل كانت أجداده عملاقة ؟ وهل كانت مصفحة ضد الاحتراق ؟

الجواب : زعم بعض علمائنا ، بسطاء العقول ، أن الوزغة كانت امرأة يهودية مسخت لأنها كانت تنفخ النار ، ونسي هؤلاء المساكين أن اليهود لم يكونوا موجودين زمن إبراهيم ، وأن المسخ لا نسل له ، وأن النار كانت عظيمة لا تفتقر لمن ينفخ عليها .

ولسنا نستبعد بعد هذا أن يكون رواتنا الأوائل وضعوا هذه الأخبار نكاية في اليهود وحقدا.

الوجه الثاني :

لو جمعنا أوزاغ الدنيا لتنفخ على نار ضخمة حتى يرتفع لهيبها ولا تخمد ، لما كان لنفخها أي أثر يذكر .

فهل يعقل أن يصور لنا النبي عليه السلام أوزاغ بلدة سيدنا إبراهيم على صور منافيخ ، وهو الخبير بقدرات الوزغ العارف بضعفها وقلة حيلتها لأنه كان ابن البيئة البدوية الصحراوية ؟

الوجه الثالث :

إن الحيوانات والحشرات لا تعرف الحقد والانتقام إلا ممن يؤذيها ، إلا أن تكون أليفة مدجنة كالكلاب ، فيحرشها أصحابها على مخلوق ما .

فهل كان سيدنا إبراهيم يؤذي الأوزاغ ؟ أم كانت أليفة مدجنة عند النمرود ؟

الوجه الرابع :

لا تستطيع الحيوانات والحشرات أن تكتشف وظيفة النفخ على النار بنفسها إذ لا عقل لها .

ومعظم المخلوقات ، ومنها الوزغ ، لا يعقل أن تتعلم النفخ على النار الضخمة ولو بواسطة مدرب بشري.

فهل كانت أوزاغ مولانا إبراهيم عاقلة ؟ أم كان للنمرود جيش من المدربين للوزغات على النفخ ؟ وهل عَدِم المنافيخ حتى نادى على الوزغان ؟

أي عقل هو عقل الرواة ؟ وأي إرهاب كان يمنع الحفاظ الكبار من عرض الأساطير على كتاب الله والعقل نعمة الله ؟

العلامة الرابعة : إثبات ضعف أحاديث الخرافة ونكارتها بالصنعة الحديثية:

أولا : حديث أبي هريرة رضي الله عنه:

روى سُهَيْل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الْأُولَى، وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الثَّانِيَةِ» ( رواه مسلم ح2240 ، وأبو داود ح 5263 والترمذي ح 1482 وابن ماجه ح 3229 ) .

هذا حديث ضعيف منكر ، أشاعه مسلمة أهل الكتاب أو وضعه الدجالون المسلمون ، فنسبه سهيل بن أبي صالح بعدما تلقنه إلى رسول الله ، بدليل هذه العلل الحديثية القادحة :

العلة الأولى : سهيل بن أبي صالح السمان مختلف فيه ، وقد ثبت اختلاطه قبل موته ، فهو ضعيف حتى يثبت أنه روى الحديث قبل الاختلاط ، والعلة الثانية قاضية بأنه لم يضبطه ، وكذلك قوله في هذه الرواية : " فله كذا وكذا " ، فإن الذي ينسى العدد ينسى القائل ضرورة .

العلة الثانية : اضطرب سهيل في سند الحديث ومتنه ، فتأكد أنه روى الحديث بعد تغير حفظه ، وبرئت عهدة سيدنا أبي هريرة من رفعه إلى رسول الله ، وهذه روايات دالة على ما نقول :

- في صحيح مسلم ح 2240 عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : «مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ».

- وفي صحيح مسلم ح 2240 عَنْ سُهَيْلٍ، حَدَّثَتْنِي أُخْتِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً» ( ورواه أبو داود ح 5264 ، والبيهقي 2/378 )

- وفي رواية : عن سهيل، قال: حدثتني أختي أو أخي ، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "في الضربة الأولى سبعين حسنة". ( سنن أبي داود ح5264 ، ومستخرج أبي عوانة 17/585 ، وسنن البيهقي 2/378 ، وصححه الألباني والأرنؤوط ).

فانظر كيف اضطرب سهيل الضعيف في السند ، فرواه مرة عن أبيه ، وأخرى عن أخته ، وثالثة لم يدر عن أخته أم أخيه ، ثم انظر إلى اضطرابه في المتن ، فقال مرة : ( فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً ) ، وفي ثانية : (فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ) ، وفي الثالثة : ( في الضربة الأولى سبعين حسنة ) .

فهل نأتمن مثل هذا على مقام النبوة إذا انفرد بخرافة ؟ كلا ورب الكعبة .

وقد اعترف المحدثون بالاضطراب ثم أصروا على تصحيح الخرافة :

قال النووي في شرحه: وقع في أكثر النسخ: (أختي)، وفي بعضها: (أخي) بالتذكير، وفي بعضها: (أبي). وذكر القاضي الأوجه الثلاثة. قالوا: ورواية: (أبي) خطأ). اهـ.

وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (7/ 174) : روى هذا الإسناد عن أبى أحمد الجلودى: سهيل حدثني أخي عن أبي هريرة. ومن رواية الرازي عنه حدثتني أختي عن أبى هريرة. وفى كتاب الأطراف لأبى مسعود الدمشقى. حدثني أخي عن [أبي عن] أبى هريرة. وفى كتاب أبى داود: سهيل حدثني أخي أو أختي عن أبى هريرة.

العلة الثالثة :

رجّح النووي وغيره أن سهيلا سمع الخبر من أحد إخوته لا من أبيه ، فيكون السند مبهما منقطعا ، ففي "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 380) : وَإسْنَاد هَذِه الرِّوَايَة الْأَخِيرَة مُنْقَطع ، لِأَن سهيلا قَالَ : حَدَّثتنِي أُخْتِي عَن أبي هُرَيْرَة ، وَفِي بعض نسخ مُسلم "أخي" ، وَعند أبي دَاوُد "أخي أَو أُخْتِي " على الشَّك ، وَفِي بعض النسخ : "أخي وأختي" بواو الْعَطف ، وعَلى كل تَقْدِير ، فأولاد أبي صَالح وهم سُهَيْل وَصَالح وَعباد وَسَوْدَة ، لَيْسَ مِنْهُم من سمع من أبي هُرَيْرَة ، وَقد وجد فِي بعض نسخ مُسلم فِي هَذِه الرِّوَايَة ، قَالَ سُهَيْل : حَدثنِي أبي كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأَوليين ، وَهُوَ غلط وَالله أعلم .

الحافظ الذهبي يستنكر خرافة سهيل :

قال في ترجمته من "سير أعلام النبلاء " (6/ 171)" : وَمِنْ غَرَائِبِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، حَدِيثُ: "مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ" ، وَحَدِيْثُ "فَرْخُ الزنى لا يدخل الجنة". هـ

ثانيا : حديث أم شريك رضي الله عنها:

قال عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى: أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الوزغ , وَقَالَ: " إِنَّهُ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " ( صحيح البخاري ح3359 ، ومسند عبد بن حميد ح1559 ، وتاريخ الطبري 11/625 ، وسنن البيهقي 9/531 وتاريخ دمشق6/187) .

قلت : الحديث صحيح عند الكافة لأنه حصّل خاتم القداسة بتخريج الإمام البخاري له في "الجامع الصحيح" رغم أنه تردد هل سمعه بنفسه من عبيد الله بن موسى أم من ابن سلام عن عبيد الله.

والحق أنه حديث محرّف، ثم جملة : " إِنَّهُ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " زيادة مدرجة أخطأ من أضافها إلى رسول الله ، والصواب أنها من كلام ابن جريج أخذا من الإسرائيليات.

الرواية الصحيحة:

روى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القطان وَ محمد بن بَكْرٍ البرساني وَرَوْح بن عبادة قَالَوا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا اسْتَأْمَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ الْوِزْغَانِ فَأَمَرَهَا بِقَتْلِ الْوِزْغَانِ. (المسند ح 27365 ، وصحيح مسلم ح2237 )

وتابعهم مسلم عن ابن جريج عند الأزرقي في "أخبار مكة" 3/149 ، وعبد المجيد بن أبي رواد في "أخبار مكة" للفاكهي 3/378 .

وحجاج في مستخرج أبي عوانة 17/582 .

والإمام عبد الله بن وهب في "نسخة عبد الله بن صالح كاتب الليث" (ص: 132) ، و"مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية" (17/ 580) ، وتاريخ الطبري (11/ 625).

وأبو عاصم في سنن الدارمي (ص: 483).

ولم ينفرد به ابن جريج ، فقال الإمام سفيان بْنُ عُيَيْنَةَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ، أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ» (مسند أحمد ح 27619 مسند الحميدي (1/ 344) ، وصحيح البخاري (4/ 128) ، وصحيح مسلم (4/ 1757) ح 2237 ، وسنن ابن ماجه ح3228).

فيكون عبيد الله بن موسى مخالفا سبعة من أصحاب ابن جريج ، وفيهم كبار الأئمة الأثبات كالقطان وابن وهب ، ومخالفا رواية ابن عيينة .

وعليه ، فروايته شاذة لأنه لا يعقل أن يتذكر هو تلك الزيادة المنكرة وينساها هؤلاء .

هذا على فرض أن يكون عبيد الله بن موسى العبسي ثقة بإجماع النقاد ، والواقع أنه مجرّح:

في كتاب "بحر الدم " (ص: 105) : عبيد الله بن موسى بن باذام، العبسي، أبو محمد، أحد الحفاظ: قال أحمد: كان صاحب تخليط، حدث بأحاديث سوء خرج تلك البلايا يحدث بها. فقيل له: فابن فضيل؟ قال: لم يكن مثله، كان أستر منه ، وأما هو فأخرج تلك الأحاديث الرديئة. وقال في رواية ابن إبراهيم: حديثه الذي روي عن مشايخهم لا يثبت، وأحاديث الأعمش عنه المناكير لا يكتب عنه. وقال في رواية المروذي: قد كان يحدث بأحاديث رديئة، وقد كنت لا أخرج عنه شيئا، ثم إني خرجت.

وفي "إكمال تهذيب الكمال" (9/69) : قال يعقوب بن سفيان: شيعي. وإن قال قائل: رافضي لم أنكر عليه، وهو منكر الحديث. وقال الجوزجاني: وعبيد الله بن موسى أغلى وأسوأ مذهبا وأروى للأعاجيب التي تضل أحلام من تبحر في العلم. وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل بلية تأتي من عبيد الله بن موسى. هـ

وأورده العقيلي في الضعفاء ، والذهبي في الميزان.

فتحصّل أن عبيد الله صاحب مناكير ، ولا شك أن خرافته في الوزغ إحداها.

فروايته منكرة قولا واحدا.

وخلاصة الحديث أن أم شريك رضي الله عنها كانت تتأذى من الأوزاغ ، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرها بجواز قتلها لضررها المحتمل ، لكن الرواة حرفوا الحديث فصوروه آمرا بقتل كل الأوزاغ حيثما كانت ، ثم زاد عبيد الله بن موسى جملة أشد نكارة من التحريف ، فراجت على المحدثين والفقهاء لبساطة معارفهم وتقديسهم الأسانيد وهيبتهم من الرواة المشاهير .







    رد مع اقتباس
قديم 02-13-2019, 08:54 PM   رقم المشاركة : 2
إدارة المنتدى







عيادات العرب الطبية غير متواجد حالياً

افتراضي

اجمع علماء الامة ان صحيح البخاري ومسلم هما اصح كتابان بعد القران الكريم ولا يجب ان نشكك باي حديث ورد فيهما اخي خصوصا الاحاديث المتفق عليها بين الشيخان.







    رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 

 
الساعة الآن 02:57 PM.
 ترقية أستايل عين السيح
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond
 

تصميم معهد ترايدنت