السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الدكتور فواز القاسم استشاري طب الأطفال والرضع والحاضنات: * ما هي حساسية صدر الأطفال ، أو ما يسمّى ربو الأطفال .!؟: هو مرض إلتهابي مزمن في المسالك الهوائية لدى الطفل ، ينتج عنه نوبات من تضيق تلك المسالك لدى تعرّضها لعوامل محسّسة أو مهيّجة مثل : ( إجهاد وتعب بدني ، تعرّض لبرد مفاجيء أو تغيّر مفاجيء في الجو ، روائح التدخين وغيره .. إلخ ) … ومن أهم أعراض وعلامات ذلك التضيق في المسالك الهوائية أن يشكو الطفل من : ( سعال جاف + مع أزيز وصفير في الصدر وخاصة أثناء الزفير + مع سرعة التنفس لدى الطفل ، وإحساس بضيق الصدر). لكن سرعان ما تستجيب الحالة لموسعات الشعب الهوائية المعروفة ، سواء عن طريق التبخير بأجهزة التبخير ، أو الشرب … ثم تتكرر الحالة من جديد لدى تعرّض الطفل مرّة أخرى لعوامل مشابهة ، وهكذا .. *ما هي أهم أسباب المرض .!؟: هناك عوامل موروثة وعوامل مكتسبة تتعاون لإحداث المرض .. أما الوراثة : فدليلها إصابة التوائم ذات الخليّة الواحدة (Monozygotic) بالمرض بشكل متزامن ، بالإضافة لوجود أكثر من مريض في العائلة الواحدة … وأما العوامل البيئيّة المكتسبة فأهمها : ( الفيروسات ، والمحسسات ، والتغيّر المفاجيء في الجو ، والروائح المخرّشة ، والأطعمة المحسّسة … إلخ ) … * كلمة عن الأطعمة المحسّسة : لقد مرّ معي في حياتي العملية بعض الأطفال الذين يشكون من حساسية الصدر ، وتسوء حالتهم عند تناولهم بعض الأطعمة المحسّسة ، مثل : الصويا ومشتقاتها وكل طعام تدخل في تركيبه وخاصّة الحليب الذي يحتوي على زيت فول الصويا ( Soy)، وبرتين حليب البقر ( Cow,s Milk) ، والبيض ( Eggs) ، والسمك ( Fish) ، والمحار ( Shellfish) ، والجوز (walnuts ) ، واللوز ( cashews) ، والحنطة (Wheat ) ، والفستق ( Peanuts) ، والبندق (tree nuts ) .. * هل المرض شائع ومنتشر ..!؟ حساسية الصدر لدى الأطفال ( ربو الأطفال ) من الأمراض الشائعة والمنتشرة في العالم ، وخاصة في البلاد الحارّة ، ذات الأجواء المغبرة ، مثل الخليج العربي .. وهي تزداد في العالم باستمرار ، وخاصة في المدن المكتظّة ذات الكثافة السكانية العالية ، حيث المعامل والمصانع وعوادم السيارات ، مقارنة مع الريف الهاديء ، ذي الأجواء النقيّة ، بالرغم من التحسن الهائل في وسائل التدبير والعلاج ، وما ذلك إلا بسبب إفرازات المدنية من تلوّث بيئي ، واحتباس حراري ، وتغيّر في نمط الحياة …إلخ * هل حساسية الأطفال تستمر معهم إلى الكبر ..!؟ الإجابة على هذا السؤال مهم جداً بالنسبة للملايين من الآباء والأمهات الذين يريدون الاطمئنان على أولادهم ، ولكي نطمئنهم نقول : إن أكثر من ثمانين في المائة من حساسية صدر الأطفال ( ربو الأطفال ) مؤقتة ، وتنتهي مع الطفولة … وهناك نسبة قليلة منها تستمر إلى أعمار متقدّمة ، إذا توفرت لها جملة من العوامل المساعدة ، مثل : * وجود وراثة في العائلة للربو لدى الآباء * أو وجود مرض تحسسي في العائلة غير الربو ( حساسية الأنف ، إكزيما الجلد ، حساسية من بعض الأغذية ..إلخ ). * بداية مبكّرة لنوبات الحساسية عند الطفل ( في عمر أقل من سنة ) . * وجود مرض أصلاً في صدر الطفل ( إلتهابات فيروسية أو جرثومية ) . * وجود شخص مدخّن في العائلة ( ولينتبه الآباء المدخنون والأمهات المدخنات ) . * وجود طيور أو قطط أو حيوانات أليفة أخرى في المنزل يحتك بها الطفل بشكل دائم . * ما هي أهم أعراض وعلامات ربو الأطفال .!؟ * إن أهم مفتاح في تشخيص ربو الأطفال هي صفة الإزمان (Chronicity ) والتكرارية (Recurrent ) في الحالة . ولعلّ من أهم أعراض المرض : * سعال جاف متقطّع (Intermittent dry cough ) * صفير أو أزيز يشبه صوت الهرّة (Expiratory Wheezing ) ، وخاصة في مرحلة الزفير .. هذين هما مفتاحا تشخيص المرض . * عسر في النفس ( Shortness of breath) * ضيق في الصدر (Chest tightness ) * وبعض الأطفال الصغار قد يشكون من ألم مبهم في الصدر (Chest Pain ). * مما يميّز ربو الأطفال أن الأعراض هذه تزداد أثناء النوم .. * وهناك أعراض وعلامات أخرى أقل أهمية وأقل وضوحاً ، مثل : ( تعب عام ، وكسل عام ، وقلة الرغبة في اللعب والحركة ) ربما بسبب اضطراب النوم لدى الطفل المريض . * هذه الأعراض والعلامات أعلاه تحدث للطفل بعد تعرّضه لبعض المهيّجات والمحسسات ، مثل : 1. الإجهاد البدني (Physical Exertion ) 2. كل شيء يسبب للطفل سرعة التنفس ( Hyperventilation) حتى الضحك القوي ( Laughing) 3. تعرض الطفل لتيارهواء بارد وجاف (Dry , Cold air ). 4. التهابات فيروسية للمسالك التنفسية (Viral infection ) 5. تعرّض الطفل لريش الطيور أو وبر الحيوانات الأليفة(Animal dander ) … 6. تعرّض الطفل إلى غبار طلع الأشجار والأعشاب والورود (Pollens ) … 7. أن يعيش الطفل في بيت رطب وفيه حشرات ( صرارصر وغيرها )( Dust mites + Cockroaches) 8. أن يعيش الطفل في بيت فيه مدخّنين (Tobacoo smoke ) 9. أن يعيش الطفل في جو ملوّث ( غبار + عادمات السيارات + غازات منبعثة من المصانع والمعامل …إلخ ). 10. تعرّض الطفل لروائح مخرّشة حادة ( عطور + بخور + دهانات + منظفات + مساحيق غسيل + شامبوات ..إلخ ). 11. أن يعيش الطفل قرب مخزن للحبوب أو حظيرة للمواشي … 12. أن يكون لدى الطفل مرض آخر في الجهاز التنفسي ، مثل ( ألتهاب الأنف + إلتهاب الجيوب الأنفية + إرتجاع معدي مريئي ). * ماذا نجد بالفحص السريري لهؤلاء الأطفال .!؟ * أهم علامة نجدها عندما نضع السماعة على صدر الطفل أو ظهره هي صوت يشبه صوت الهرّة ، وخاصة في مرحلة الزفير (Exp Wheezy) * كما يمكن أن نجد بطء دخول الهواء إلى الأسناخ الرئوية (poor air enetry = decrease breath sounds وخاصة في الجاني الخلفي السفلي الأيمن من الظهر ، وهذا يدل على انسداد جزئي يمنع دخول الهواء في بعض الفصوص الرئوية … * وقد نجد خراخر ( Inspiratory Crepitations) شهيقية إذا ترافق الربو مع إلتهاب الرئة والقصبات ، وهذه يطلق عليها أحياناً في بعض الكتب الإنكليزية : (Crepitations = Crackles = Rales = Rhonchi ) . *وقد نجد حمى كذلك مع الالتهاب … * وعندما يكون الطفل متضايق جداً ، نلاحظ عليه صعوبة في التنفس ( Respiratory distress) مع وزيز شهيقي وزفيري معاً (Insp. & Exp. Wheezy ) ، وانسحاب المسافات بين الأضلاع (Suprasternal & Intercostal retraction ) ، مع استخدام العضلات التنفسية المساعدة ( Accessory muscles)…. * كيف نعالج حساسية صدر الأطفال ( ربو الأطفال ) .!؟ إن منهجي في علاج ربو الأطفال ينقسم إلى قسمين أو مرحلتين : * المرحلةالأولى : علاج الأزمة الربوية نفسها عندما يحضر الطفل إلى العيادة : وهذا قد يأخذ أشكال مختلفة : * التبخير في الطوارئ بموسعات الشعب الهوائيّة . * ثم الأدوية على شكل أشربة أو حقن ، وهي التي تصحب الطفل إلى البيت ( مضادات حيوية + موسعات شعب هوائية + مزيلات احتقان + مخفضات حرارة .. إلخ ) * وقد ندخل الطفل إلى المستشفى إذا كانت الحالة شديدة وتقتضي علاجاً وريدياً مكثّفاً ، أو تبخيراً متكرراً … * وأريد أن أقول كلمة عن استخدام الكورتزون ومشتقاته في علاج ربو الأطفال، وليسمعني جميع الأباء والأمهات … 1. إن استخدام الكورتزون ومشتقاته للدرجات المتوسطة والشديدة من حالات ربو الأطفال أمر معترف به ، ومعمول به ، في جميع المدارس الطبية العالمية المحترمة … 2. إن هناك هلعاً وخوفاً غير مبرر في أوساطنا الشعبية ، وحتى من بعض العاملين في الحقل الطبي ، من استخدام الكورتزون ومشتقاته ، بدعوى أن الطفل يتعود عليه ، ولا يعود يستجيب للأدوية الأخرى ، وغير ذلك من الدعاوى الخاطئة … 3. يستخدم الكورتزون ومشتقاته بشكل آمن جداً ، وفي جميع المؤسسات الطبية المحترمة في العالم ، إما على شكل حقنة واحدة في الطوارئ مع أدوية التبخير الموسعة للشعب الهوائية ، أو على شكل شراب أو حبوب عن طريق الفم ، ومن خلال جدول قصير المدى لبضعة أيام ، وبجرعات مناسبة لأوزان الأطفال ، وهو بذلك يعطي فوائد هائلة ، دون أن يكون له أية آثار ضارّة إطلاقاً … * والمرحلة الثانية : منع وقوع الأزمة الربوية مستقبلاً ، والوقاية من مسببات حدوثها ، بناءً على مقولتنا الذهبية التي طالما رددناها (درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج ) … 1. وذلك بتجنب مهيجات الصدر من روائح ، وأطعمة محسسة ، وأتربة … إلخ * ولابد لي هنا أيضاً من أقول كلمة في تدخين الآباء والأمهات وأفراد العائلة : إن تدخين الأب أو الأم أو أحد أفراد العائلة للسيكارة أو الشيشة في البيت الذي فيه طفل يعاني من حساسية في الصدر ( ربو أطفال ) ، أو في السيارة المغلقة هو (كفر طبّي ) إذا جاز التعبير ، ولا يقل لي أحد بأنني لا أدخّن قريباً من الطفل ، وأدخّن في غرفتي ، لأن رائحة السيكارة تنتشر في كل أرجاء المنزل ، وتعشعش في كل خلية من زواياه وأثاثاته … فإذا أراد الأبوان أن يشفي الله ولدهما المبتلى بالربو في أسرع ما يمكن فليقلعوا عن التدخين ، وليمنعوا أي أحد من أفراد العائلة من التدخين بالقرب منه ، ولا حياء في الطب كما يقولون ، ولا مستحاة من الضيف المدخّن ( ولا ضرر ولا ضرار ) … 2. ثم إعطاء بعض الأدوية الوقائيّة ، التي تحمي صدر الطفل ، وتزيد من مناعته ، وتقلل إلى حد كبير من تأثير المهيّجات والمحسسات عليه ، مثل البخاخات الوقائية من موسعات الشعب الهوائية ذات المفعول الطويل ، وبخاخات الكورتزون الوقائية ، والأشربة ، والحبوب الوقائية أيضاً … ( ومرّة أخرى أعود فأقول : بأن بخاخات الكورتزون الوقائية ، التي يصفها الطبيب الاستشاري ، وبجرعات محسوبة ، تستخدم في جميع المؤسسات الطبية المحترمة في العالم ، فلا داعي كذلك للخوف والهلع ، وليس من الصحيح أن يرفض الأهل استخدامها عندما يقررها الطبيب المعالج ، لمجرد الاستجابة لنصائح مغلوطة من الجيران والأصدقاء ، بل حتى من بعض الأطباء قليلي العلم والخبرة في هذا المجال ) . 3. وأنا أضيف من تجربتي الشخصية بعض الأعشاب الطبية السوريّة الوقائية ، بعد غليها مثل الشاي ، وتحليتها بالعسل الطبيعي ( عسل السّمُر ) ، وتطعيمها بالليمون ( زهورات سورية مغليّة ، مطعّمة بالليمون ، ومحلاّة بالعسل الطبيعي )تؤخذ مساءً بعد العشاء ، وقبل النوم يومياً ، ولفترة غير محدّدة ( أشهر ) … فلقد جرّبتها للآلاف من الأطفال ، فأعطت نتائج وقائية طيبة ، وليست لها أية آثار ضارّة بحمد الله … * الحالة الربوية : Status Asthmaticus * هي حالة ربو شديدة . * وهي حالة إسعافية يجب الاهتمام بها كثيراً وإدخالها إلى وحدة العناية المركزة للأطفال . * من العوامل المؤهبة لها عند طفل مصاب أصلاً بالحساسية أو ربو الأطفال - تعرّض الطفل لمحسسات - أو مرض فيروسي - أو تغير مفاجيء في الجو - أو صدمة نفسية . * الصورة السريريّة : تتميز الحالة الربوية بالأعراض والعلامات التالية : - قلق واضح على الطفل ( Anxiety) - تنفس مجهد ( Laboured Brathing) . - أزيز مسموع (Audible Wheeze ) . - سرعة التنفس (Tachypnea ) إلى درجة أنها تعيق الطفل وتمنعه من الكلام والطعام . - الصدر منتفخ ( Hyperinflated) . - والطفل يستخدم في تنفسه العضلات المساعدة (Accessory muscles ) . - إذا سمعنا الصدر نجد أزيز زفيري واضح (Expiratory Wheeze ) . - وخفوت في أصوات التنفس (diminished breath sounds ) . - ومما يميّز الحالة وجود النبض العجائبي ( pulsus paradoxus) ونعني به زيادة الضغط في طور الشهيق عنه في طور الزفير بما يزيد على (10 mmhg ) . * وهناك مجموعة من العلامات تسمى العلامات الخطرة : Danger Signs 1. سرعة التنفس إلى الحد التي تعيق كلام الطفل وطعامه (Tachypnea ) . 2. هيجان الطفل ( Restlessness) . 3. معيار التفس أقل من 60 % (Peak Flow < 60% of predicted ) . 4 . ضغط الأكسجين في الدم أقل من 53 ملم زئبقي (Po2 < 53 mmHg ) . 5. وضغط غاز ثاني أكسيد الكربون أعلى من 35 ملم زئبقي (Pco2 > 35 mmHg ). 6. لدى سماعنا لصدر الطفل نجد صدراً هادئاً بلا أصوات ، كأن الطفل لا يتنفس (Silent Chest ) . 7. ألم في الصدر نتيجة تسرب هواء من الأسناخ الرئوية (Chest Pain ) . 8. إضطراب في الوعي ( Disturbed Consciousness) * تدبير الحالة الربوية : إذا جاءنا طفل إلى الطواريء وهو يشكو من الأعراض والعلامات أعلاه ، فنتّبع في علاجه وتدبيره الخطوات التالية : بروتوكول ( Protocol 4 H ) 1. Hospitalize 2. R/ Hypoxia 3. Hydrate 4. Hydrocortisone * النقطة الأولى : ندخل الطفل إلى المستشفى ، وبالتحديد إلى العناية المركّزة . * النقطة الثانية : نعطي أكسجين إما عن طريق قناع الوجه (Mask ) أو عن طريق الأنف (Nasal prongs ) بحيث نحافظ على ضغط الأكسجين في الدم بما لا يقل عن (60 ملم زئبقي ) ، ونقيس تركيز الأكسجين في الدم باستمرار بواسطة ( Pulse Oximeter). * النقطة الثالثة : تركيب كانيولا ، وإعطاء سوائل للطفل ، لكن ننتبه لعدم الإفراط في ذلك (Dextrose 5% / 60-80 ml/kg/daily ). * النقطة الرابعة : إعطاء هيدروكورتيزون ( 2 ملغ / كغ / للجرعة الواحدة / وريدي / تكرر هذه الجرعة كل 6 ساعات حتى تحصل إستجابة ) ثم نحوّل إلى (بردنزولون 1-2 ملغ / كغ / يومياً / تقسم على 4 جرعات / عن طريق الفم / لمدة خمسة أيام ) * النقطة الخامسة : التبخير : (ventolin + NS + O2 ) / نكرره كل 2-3 ساعات حتى تحصل الاستجابة ، ونعرف ذلك من خلال تحسن أداء صدر الطفل (Peak – flow – meter ) * النقطة السادسة : الأمينوفيللين : ونستخدمه في حالة فشل كل المراحل السابقة في إحداث تحسن في حالة المريض ، ونستخدمه طبعاً في قسم الإنعاش حيث لدينا إمكانية مراقبة القلب من جهة ، ومعايرة نسبة الدواء في دم المريض من جهة أخرى . 1. إذا لم يكن الأمينوفيللين قد أعطي في غضون ال( 24) ساعة السابقة فنعطي : (Loading dose = 6 mg / kg /dose / Iv / in fluid / over 10 minutes ) ثم نحول إلى الجرعة المحافظة (Maintenance = 0.5 mg / kg / hour ) / نعطيه بواسطة المضخّة الوريدية . 2. أما إذا كان الطفل قد أخذ جرعة أمينوفيللين في ال(24 ) ساعة الماضية ، فلا حاجة للجرعة الأولى ، ونذهب مباشرة للجرعة المحافظة . مع تمنياتي بالصحة الدائمة والعافية التامّة لأطفالنا الحلوين . د . فواز القاسم إستشاري أمراض صدر الأطفال